Tuesday, August 21, 2012

صباح يوم كئيب


     - على جنب لو سمحت يا أسطى.


هكذا بدأ يوم جديد، بعد نزولي مباشرة من سيارة الأجرة، لرؤية ما لا يُرى، رؤية تلك الوجوه البائسة، التي طالما سألت نفسي عنها، كيف يمكن لكائن أن يبدأ يومه بهذا العبوس ؟ كيف يمكن لإنسان أن يستيقظ من نومه حاملاً هذا الهم و الغم، اللعنة، لابد أنهم يعيشون مع شياطينهم، لابد أنهم لا يفصلون بين أيامهم بالنوم، لابد أنهم لا يستطيعون مغادرة هموم حياتهم الشخصية و تركها ورائهم عند ذهابهم لعملهم صباح كل يوم، و لابد أنهم لا يستطيعون مغادرة هموم عملهم عند ذهابهم لمنازلهم مساء كل يوم، إنها حلقة مفرغة من المشاكل، لا حل لها، لا مخرج منها، إنها اللعنات تلو اللعنات، المشاحنات تلو المشاحنات، الإحباط تلو الإحباط، لم الحياة إذاً ؟



صعدت إلى المكتب لأجد السكرتيرة تبتسم إلي، و ها هي جميع الناس تبتسم، حتى خيل لي أني أعمل على ظهر كوكب آخر، مع كائنات أخرى، لا تفسير غير ذلك، اللهم إلا أن تكون مشكلة الناس تكمن في ذهابهم إلى العمل، إذا من يعمل بجوار بيته سعيد ؟ لا اعتقد، فالكل تعيس، الكل حزين، الكل لا ينفك يذكر ما ينقصه، و لا ينفك ينسى ما يملكه، من يملك العلم يرجو المال، و من يملك المال يرجو العلم، و من يملك كلاهما يرجوا شيء آخر، الكل يرجو، الكل يحسد، الكل لا يرضى.


-         أزيك يا باشا.

-         الحمد لله، أزيك يا عم حسن.

-         كل سنة و أنت طيب.

-         و أنت بالصحة و السلامة.

هذا هو عم حسن الفراش، يقف متأففا، و لم لا، إن لم يتأفف الفراش فمن له الحق في التأفف، أعذره بالطبع و لا ألوم عليه سخطه، و لكن على من السخط، أعلى أهله الذين لم يكفلوا له حياة كريمة، أبأيديهم كان الأمر ؟ آثروا أنفسهم عليه ؟ لا أدري و لا أظن، فالأب و الأم يريدون الخير لأبنائهم دائما أبدا، مهما كانت ظروفهم......



اللعنة محاولة أخرى فاشلة، عذراً أيها القارئ.

Monday, August 20, 2012

الإرهاصة الأولى

مر زمن طويل منذ آخر مرة حاولت فيها الكتابة، لقد شغلتني عن الكتابة، اعتقد أني لم أحاول منذ ربطتني بها علاقة، لم أدري كيف بدأت، و لم بدأت، و لكني لا أستطيع إنكار أني كنت إنسان آخر قبل ذلك، أإنسان أفضل ؟ أإنسان أسعد ؟ لا أدري، حقا لا أدري، لم أكن هكذا احسبها، كانت تسير كما تسير و لا القي لها بالا و لا أوجهها، كنت أسير معها و لم أكن أرجو السعادة و راحة البال، لم أكن أرجو شيئا البتة !!!



كانت تجربة جديدة من نوعها، كانت ممتعة في البداية، نعم ممتعة، ممتعة لدرجة النشوة، كانت ترضي غرائز كثيرة لم أكن أعلم بوجودها، كنت أبا و أخا و أبنا و حبيبا و خطيبا و زوجا و صديقا و زميلا، و كانت هي كل ذلك، و كنا متفقين كما لم يتفق أحدا من قبل، إذا أصرت هي تنازلت أنا برضا نفس، و إذا أصررت أنا تنازلت هي برضا نفس، و هكذا اتفقنا في كل شيء، و خططنا لكل شيء، و بدا كل شيء أفلاطونيا، سلساً و عذباً، و كان كل شيء يهون، فقد وهبت نفسي لعلاقتنا جسدا و روحا !!!

بدت المشاكل في بدايتها تافهة، لا تحتاج حلول، إنما تحل نفسها بنفسها….


لم الأمر بهذه الصعوبة، لما لا أستطيع الكتابة، لقد كانت الكلمات تخرج من أصابعي بلا تفكير، كنت أظنه أحيانا وحيا، أو شيئا لا إراديا، أما الآن فشيء غريب يحدث، ألا أستطيع أن أكتب عن تجربة حقيقية مرت علي ؟ أذلك الوحي إنما يوحي إلي خيال فقط ؟ أهذا سبب وجود المدارس الأدبية ؟ و كل كاتب يجب أن يتبع مدرسة بعينها، و من يخالف ذلك يشتت نفسه و يشتت قارئيه، و ينتهي به المطاف إلى مدرسته التي ولد لها دون غيرها ؟ إنه أمر محير و غريب، أتحليل ما أكتب ؟ أأستطيع التحليل ؟ و ماذا أحلل ؟ نفسي ؟ كتاباتي ؟ علاقتي بها ؟ حياتي ؟



اللعنة عليها، لم أكن أسعى لذلك أبدا، لم أكن أريد علاقة، لا أريد ذلك و لا أؤمن به بتاتا، لا أريد علاقة يعقبها خطوبة يعقبها زواج، هراء، كله هراء، أريد زوجة، نعم أريدها زوجة حين أتعرف إليها، و لكننا اتفقنا على ذلك منذ البداية، و قابلت  والدتها، و كنت أنوي بها خيرا، لم أنوي خداعها و لم أنوي تركها، و لكني كنت مشتت، نعم مشتت، تركت الأمور تسير، كما تعودت دائما، و غريزيا سارت، ذكر و أنثى، بهذه البساطة، أريد منها ما يرجوه جنس الذكور من جنس الإناث، و أرغب أن أكون قمة ما ترجوه في جنس الرجال، رغبت أن أكون رجلها، و قد جعلتني كذلك فعلا، و لكن هل كانت امرأتي ؟ هل شعرت يوما أنها المرأة التي أريد قضاء ما تبقى من عمري معها ؟ نعم كانت عندي شكوك، شكوك كثيرة، شكوك سخيفة، شكوك في مبادئ، و شكوك في تفاصيل، شكوك في نفسي، لقد جعلتني اللعينة أشك في نفسي !!!